
من وحي انتفاضة مربي الأبقار بملولش و رجيش وبقية نواحي البلاد.
فوجئت اليوم بقراء تدوينة تتعرض لمدولات جلسة عمل بوزارة التجارة لمعالجة ازمة الأعلاف التي تسببت في انتفاضة مربي الأبقار . وقد ركزت مداولات هذه الجلسة على بعض النقاط التي بتدو لي عرضية بالنسبة لجذور الأزمة ، واتخذت قرارات تتمثل في:
أ- تسقيف سعر كسب الصوجة المنتجة من طرف شركة حبوب قرطاج بحوالي 1620 د/ الطن وذلك بالتقليص في السعر المتداول حاليا المقدر بحوالي 1920 د / الطن.
والسؤال المطروح على زارة التجارة هو :
– هل مكنتم هذه الشركة من منحة لتغطية هامش ربحها دون التنصيص عليها في المحضر؟.
– هل أن هذا السعر يغطي كلفة انتاج الكسب محليا ؟ وإذا كان ذلك كذلك فلماذا ارتفعت الأسعار بهذا الشكل الجنوني إذا؟.
– ما هي نسبة تغطية انتاج شركة حبوب قرطاج لهذه المادة الضرورية لإنتاج الأعلاف المركبة حتى ندرك الأثر المنتظر على أسعار العلف حينئذ؟.
ب- ما هي اسعار الأعلاف المركبة بعد هذا القرار ؟ ومتى سيطبق القرار؟.
ج- لماذا لم تتعرّض الجلسة لسعر بيع الحليب عند المنتج مثلما تعرضت للحليب المصنع و خصصت له منة للتصدير والحال أن صغار و متوسطي مربي الأبقار الحلوب يتكبدون خسارة سنوية بقدر ما بين 1000 و 1400 د للبقرة الواحدة ؟.
ه- هل تخصيص منحة لتصدير الحليب يتجاوز سقف تخفيف عبء التخزين و عجز السوق الإستهلاكية المحلية للحليب ومشتقاته إلى البحث عن العملة الصعبة مثل ما حصل مع DAP و الأمونيتر حيث صدرنا الفسفاط على حساب حاجيات السوق المحلية المحلحة من هذه المواد و التجأنا لتوريد الأمونيتر من روسيا ( وربما في شكل قروض والله أعلم )؟.
وتعاطيا مع هذا السياق المبتور لنعالجة أزمة قطاع الألبان و الفلاحة عموما أذكر من يهمه أمر البلاد وسيادتها الوطنية و الغذائية ببعض المعطيات.
1- معدل استهلاك التونسي للحبوب : كلغ /سنة: 184.
2-عدد السكان: 12 مليون نسمة.
3-حاجيات السوق الوطنية : بالطن: 2.2 مليون طن أو 22 مليون قنطار.
4- مردود القمح من السداري بعد الطحين : 250 كلغ في الطن.
5- تقدير انتاج السداري: طن: 0.552 مليون طن سنويا.
6- حاجيات قطيع البقر طن علف مركب: 1.5 مليون طن سنويا على الأقل منها 0.3 سداري و 0.6 مليون طن شعير و 0.3 مليون كسب الصوجة او الفول المصري و 0.225 مليون طن ذرة و حوالي 0.075 مليون طن أحلاح.
7- الأساسي هنا يتمحور حول :
أ- انتاج السداري يفوق حاجيات قطيع البقر ..
ب- يقدر انتاج تونس الأقصى 0.75 مليون طن سنويا مقابة حاجيات البقر المقدرة بحوالي 0.6 مليون كما يحتاج بقية المجترات و الخيول حوالي 0.3 مليون طن وهكذا ترتفع حاجيات تربية الماشية حوالي 0.9 مليون اي بعجز يقدر 0.15 مليون طن لا بد من توريدها .
ج – في حين لا تنتج تونس سوى 32 الف طن من الفول المصري موجهة للتغذية الحيوانية أي حوالي 10 % من حجم الحاجيات من موارد البروتينات للتغذية الحيوانية و هكذا يهيمن كسب الصوجة على 90 % من موارد البروتينات .
د – وتبقى حاجياتنا من مادة الذرة مرتهنة بالتوريد بعد انقراض زراعة الذرة المحلية البعلية في الشمال من جهة ، و صعوبة انتاج الذرة دات الإنتاجية العالية بالمناطق السقوية بسبب ارتفاع حاجياتها من مياه الري ( بين 7 و 8 الاف متر مكعت من الماء) .
إن معالجة هذا الإشكالية القطاعية لن تفي بالحاجة الضرورية ، وبالتالي لا بد من معالجة أشمل تستهدف ما يلي:
+ مراجعة استراتيجة تربية الماشية عموما عبر توفير شروط الإندماج الحقيقي لتربية الماشية في المستغلات الفلاحية المؤهلة على مختلف عناصر الإنتاج ( المساحة ، الموارد المائية ، التداول الزراعي، المعرفة الفنية).
+ مراجعة حجم مختلف قطعان تربية الماشية و الإختصاصات الأنتاجية ( اللحوم الحمراء و الألبان ).
+ توفير شروط التأطير الفني والمعرفي للترفيع من أنتاجية مختلف الأصناف الحيوانية كآلية من آليات الحد من النمو اللامشروط لحجم القطيع.
+ مراجعة التوازنات الإقتصادية لدعم التنافسية بين مختلف الأنشطة الزراعية و تربية الماشية ( كلفة انتاج مختلف المنتجات الزراعية و الحيوانية ) لتحيسن مداخيل المزارعين ومربي الأبقار عبر توفير هامش ربحي يضمن كرامة الفلاحين و المزارعين و مربي الأبقار وبدون الإعتماد على الترفيع العددي في حجم القطعان أو المساحة الزراعية كآلية لضمان مدخول يستجيب لحاجيات الريف التونسي.
+ مراجعة الإستراتيجية الإستهلاكية و انماط الغذاء المحلي وربطه بالقدرات الذاتية لسد حاجياته في اتجاه مقابة جديدة لمفاهيم التوازنات الغذائية و مصادر تغطيتها بالإعتماد على مواردنا الذاتية .
+ مراجعة نظم التأجير بشكل يحقق التوازنات الحقيقية بين الإنتاج و الأستهلاك و يضمن المراكمة داخل محتلف الأنشطة الزراعية و الحيوانية و الصناعية و الخدماتية و فك الإرتباط مع شروط الأسواق المالية العالمية و نظم المناولات الصناعية المرتكزة أساسا على تفاضلية تدني كلفة التأجير من جهة و فرضة أسعار متدنية لمختلف المنتجات الزراعية و الحيوانية للتحم في القدرة الشرائية لمختلف فئات المجتمع التونسي.
وهكذا تتحول معالجة أزمة تربية الماشية و الزراعات الأخرى من بعدها القطاعي الضيق إلى عمقها الإقتصادي العام والتنموي الإجتماعي المحلي والجهوي و تفعيل الدور السيادي للفلاحة بمختلف أصنافها كرافعة من رافعات السيادة الوطنية.